النزوع إلى الشر، الظلم، الحزن، التشاؤم، الاضطراب، العزلة، الخوف، الضغط النفسي، الإحباط، انعدام الأمن والطمأنينة ، تشتت الذهن، القلق، الغضب، الغيرة، الامتعاض، إدمان المخدرات، تضعضع الأخلاق، المقامرة، البغاء، الجوع، الفقر، التفسخ الاجتماعي، السرقة، الحرب، الصراع، العنف، الاضطهاد، الخوف من الموت...هذه الظواهر وغيرها يتكرر الحديث عنها في الصحف والمجلات ومحطات التلفزة بشكل يومي. وتخصص الصحف الكبيرة صفحات كاملة لهذه الموضوعات، كما تنشر صحف أخرى سلسلة من المقالات التي تتناول الجوانب النفسية والاجتماعية لهذه القضايا. غير أن احتكاكنا بهذه القضايا لا يقتصر على الصحف وحدها، بل نحن نواجه هذه المشكلات بشكل متكرر في سياق حياتنا اليومية، وأهم من ذلك، لكل واحد منا تجارب شخصية معها.
يكافح الناس والمجتمعات للتحرر من وطأة هذه الاضطرابات والظواهر السلبية، ومن مثل هذه الهياكل الاجتماعية الضارة والعليلة التي هيمنت على العالم منذ عصور. ويكفينا للتيقن من ذلك أن نلقي نظرة خاطفة على دولة اليونان القديمة وعلى الإمبراطورية الرومانية العظمى وروسيا القيصرية
وعلى ما يسمى بعصر التنوير، بل حتى القرن العشرين قرن البؤس الذي شهد حربين عالميتين اثنتين وكوارث اجتماعية واسعة النطاق. وأيا كانت الحقبة الزمنية أو الحيّز الجغرافي الذي تصوّب إليه نظرك، فإن الصورة تظل هي هي، بلا اختلاف ذي بال.
ويثور سؤال هنا وهو: لماذا عجز الناس، والحال كذلك، عن الإتيان بحلول لهذه المشكلات، أو على الأقل، بذل الجهود لتخليص مجتمعاتهم من هذه العلل الاجتماعية؟
الواقع أنه لم يسلم مجتمع في أي عصر من العصور من هذه المشكلات، ومع هذا استمرت خيبة الناس في التخلص منها وما ذاك لا لعدم صلاحية الوسائل المستخدمة لبلوغ هذه الغاية. فقد تداووا بكل الأدوية وجربوا نظماً سياسية شتى، وبسطوا قوانين شمولية فاشلة، وأقاموا الثورات، وتبنوا أيدلوجيات منحرفة، هذا في حين اتسم سلوك البعض الآخر باللامبالاة تجاه هذه المشكلات وآثروا التسليم بالوضع القائم.
وفي عصرنا هذا الراهن أشرب الناس، أو كادوا، هذا النمط الحياتي، أعني اللامبالاة. فهم مسلمون بأن هذه المشكلات هي من حقائق الحياة التي لا يملك أحد تغييرها. لذلك فهم موقنون بأن وجود مجتمع يتمتع بالحصانة من هذه المشكلات إنما هو ضرب من المحال أو حلم طوباوي بعيد المنال. ورغم امتعاضهم المتكرر والمعلن من هذا النمط الحياتي إلا أنهم يركنون إليه ويعتنقونه بكل سهولة وذلك بسبب ما قرّ في نفوسهم من استحالة وجود بديل آخر لهذا النمط الحياتي.
إن الترياق الوحيد لهذه المشكلات كلها يكمن في اعتناق مبادئ "الدين الحق". فلا أمل في تغيير هذه الصورة الكالحة التي ستبقى ما بقي التجاهل لحدود الله وإبدالها بصورة أخرى هادئة ومشرقة إلا إذا سادت قيم الدين الحق. وبعبارة أخرى، سيظل الناس نهبا لهذه المعضلات طالما تناءوا عن قيم القرآن. ولو شئنا أن نعرف هذا الوضع بعبارة بسيطة لقلنا إنه: كابوس الكفر.
لقد دفعت أرحام المطابع بكتب كثيرة حاول مؤلفوها التعامل مع المشكلات النفسية والاجتماعية التي تواجهها المجتمعات اليوم، إلا أن الخاصية التي تميّز هذا الكتاب هي أنه يركّز على الحل الأكثر واقعية، كما أنه ينذر الناس من مغبة المستقبل الكئيب الذي ينتظرهم إذا عشوا عن هذا الحل.
وإننا لنرجو أن يدرك الذين يقبلون على هذا الكتاب بعقل متفتح وضمير واع أن معاني السلام والثقة المتبادلة وتوفر حياة اجتماعية مثالية لا تتأتى إلا بتقمّص قيم القرآن والإقبال على الدين الحق، وهو الدين الإسلامي.
عندها سيندرج هؤلاء في سلك الناجين من رهق المعاناة، معنوية كانت أو حسية، ومن نصب المتاعب التي سلف الحديث عنها، وسيحيون في بحبوحة من الرحمة والحب والاحترام والسلام والثقة، وستسود بينهم القيم الأخلاقية. وسيتوسلون إلى مرضاة الله بمراعاة حدوده والتزام هدي القرآن. وبهذا يقوى إيمانهم بالله فيفرغ الله عليهم شئآبيب رحمته ويثيبهم جنات الفردوس بعد الممات.
مـا الــدين الحـــق؟