مسألة نوم الطفل المولود حديثاً أو حتى الطفل الأكبر سناً بجانب والديه هى فى الواقع مسألة تخضع لكثير من الجدل. ليس هناك رأى حاسم يؤيد أو يدين هذه المسألة، ولكن ينقسم خبراء تربية الأطفال إلى جبهتين.
المــؤيدون
إن المؤيدين لمسألة نوم الطفل مع والديه يعتقدون أن مشاركة الطفل لوالديه فى الفراش يفيد الطفل لأن ذلك يساعد على تقوية الترابط بينه وبينهما وبالتالى يزيد شعوره بالحميمية والراحة والأمان لوجوده بجانبهما، كما أن ذلك سيساعد على بناء ثقته بنفسه وتقديره لذاته. يعتقد هؤلاء الخبراء أن نوم الطفل بجانب والديه قبل سن 6 سنوات لا يؤثر سلبياً على نموه سواء من ناحية قدرته على التعامل مع الكبار أو أفراد أسرته أو زملائه، أو سواء من الناحية النفسية الجنسية.
كما أن الأبحاث فى هذا المجال لم تظهر وجود أية علاقة بين نوم الطفل بجانب والديه وبين تعرضه للإدمان – سواء للكحوليات أو المخدرات - فى الكبر، كما لم تظهر علاقة بين نوم الطفل بجانب والديه وبين اتسامه بالعنف أو حدوث مشاكل له متعلقة بتقبله لذاته.
من فوائد مشاركة الطفل لفراش والديه أن الأم أثناء الرضاعة الطبيعية تستطيع أن ترضع طفلها دون احتياجها للانتقال إلى غرفة أخرى. تتحول مسألة نوم الطفل إلى جانب والديه إلى عادة حيث يفضل الوالدان نفسهما بعد ذلك أن ينام طفلهما بجانبهما.
هناك بعض الظروف التى يجب أن تمنع نوم الطفل بجانب والديه مثل تدخين أحد الوالدين أو كليهما، خضوع أحد الوالدين لعلاج معين يؤثر على نومه (كأن تجعل الأدوية من يتناولها يشعر بدوار أو يصعب إيقاظه)، أو فى حالة وجود طفل يعانى من الربو أو الحساسية.
يعتقد المؤيدون لمسألة نوم الطفل مع والديه أن الأطفال هذه الأيام يُجبَرون على الاعتماد على أنفسهم فى سن أصغر من اللازم حيث لا يكونون مستعدين بعد للاستغناء عن بعض العادات التى تبعث فيهم الشعور بالراحة والأمان مثل النوم مع والديهم. يعتقد الآباء والأمهات المؤيدون لوجهة النظر السابقة أنه إذا أعطيت للطفل الفرصة لكى ينمو بمعدله الطبيعى وأن يشعر بأن العالم مكان آمن وإذا لبيت احتياجاته جيداً، فإن ذلك سيساعد الطفل على أن تصبح له شخصيته المستقلة وأن يتمتع بالثقة بالنفس أكثر من غيره. يتفق المؤيدون لهذه المسألة على أن الاهتمام الذى نوجهه لمسألة تدريب الطفل على النوم فى غرفته هو فى الواقع دليل على سوء فهم لمعنى الاعتماد على النفس.
المعارضــون
يعتقد المعارضون لفكرة نوم الطفل مع والديه أن نوم الطفل فى نفس الفراش مع والديه ليست فكرة جيدة لأننا نحتاج لأن نعلم أطفالنا كيفية الانفصال عنا دون قلق أو توتر وأن نشجعهم على الشعور بالاستقلالية وذلك هام للتطور النفسى عند الطفل. يجب على الأبوين منح الطفل الهدوء النفسى ولكن ليس النوم فى نفس الفراش. يقول المعارضون أيضاً أن السماح ببعض الاستثناءات أمر صحى، كسماح الوالدين للطفل على سبيل المثال بالنوم بجانبهما عندما يكون خائفاً أو مريضاً. لكن لا توجد دلائل على أن مشاركة الطفل لوالديه فى الفراش تسرع أو تزيد من الترابط بين الطفل ووالديه. الآباء والأمهات الذين يعارضون فكرة نوم الطفل بجانبهم ليسوا أنانيين ولا يجب أن يشعروا بالذنب.
يؤكد المعارضون على الآثار السلبية لنوم الطفل مع والديه وما لها من تأثير على علاقة الزوج والزوجة سواء من ناحية نوعية النوم الذى يحصلان عليه أو من ناحية التقارب بينهما من خلال علاقتهما الحميمة. بعد رعاية الطفل طوال اليوم وإعطائه كل الاهتمام الذى يحتاجه، الوقت الوحيد الذى يتبقى لكل من الأب والأم سواء بشكل فردى أو كزوجين يكون بعد نوم الطفل. فى هذه الحالة يعرف الوالدان أنه بعد نوم الطفل تصبح الساعات المتبقية من الليل من حقهما.
يعتقد المعارضون أيضاً أن نوم الطفل مع والديه ليس فى صالحه لأنه يعطيه انطباعاً بأنه يحتاج لوالديه 24 ساعة فى اليوم، 7 أيام فى الأسبوع، ليس فقط من أجل الطعام والملبس والخروج وإنما من أجل النوم أيضاً لأنه لا يستطيع النوم بمفرده. سيشكل هذا بالنسبة للوالدين دائرة لا يستطيعان التعايش معها. لذا يجب أن نحاول تعليم أطفالنا ليس فقط كيفية قيامهم بأشياء معينة ولكن أيضاً القيام بها بمفردهم. عندما نجعل أطفالنا ينامون بمفردهم، نحن بذلك نعلمهم أن هناك أشياء يمكن أن يفعلوها وحدهم وهذا سيساعدهم على أن يكون لهم شخصياتهم المستقلة. نحن ندلل أطفالنا، نحتضنهم، ونقبلهم طوال اليوم، ولكن من المهم أن نعرفهم أنه عند النوم، فإن لكل منا مكانه الخاص به.
مشكلة غياب أحد الوالدين
بالنسبة للأم (أو ربما الأب) التى تتولى رعاية طفلها بمفردها وبالنسبة للزوجين اللذين لا ينامان كثيراً فى نفس الغرفة ربما بسبب سفر الأب للعمل، يجب أن يختبروا دوافعهم جيداً قبل تقرير نوم الطفل معهم أم لا. قد يفضل هؤلاء الآباء والأمهات بشكل تلقائى نوم أطفالهم بجانبهم لاحتياجهم هم للشعور بالأمان والألفة أثناء الليل، ولكن ربما بهذه الطريقة هم يكبتون احتياجهم للاستقلالية والشعور بالذات. هؤلاء الآباء قد يكونون فى حاجة ماسة للنوم بمفردهم ليلاً خاصةً وأنهم لا يستطيعون الاستمتاع بأوقات خاصة بهم أثناء اليوم لانشغالهم برعاية أطفالهم. بالنسبة للأمهات أو الآباء الذين يتولون رعاية أطفالهم بمفردهم وفى نفس الوقت يعملون، قد ينظرون لمسألة نوم أطفالهم فى نفس الفراش على أنه نوع من التعويض عن انشغالهم عنهم طوال اليوم وقد يعتقدون أن هذا سيساعد على زيادة التقارب بينهم وبين أطفالهم، ولكن فى الواقع سيكون لذلك تأثيره على الآباء والأمهات أنفسهم على المدى الطويل.
فى الغالب أنه من الأفضل أن يسمح الوالدان للطفل بالنوم معهما من حين لآخر، لكن بشكل عام ليس من مصلحة الوالدين أو الطفل أن تصبح هذه عادة لأنه سيكون من الصعب فيما بعد التخلص منها عندما يكبر الطفل ويحتاج لأن ينام فى فراشه. أغلب الآباء والأمهات سيتفقون معى على أننا عند تربية أطفالنا نسعى لتقليل كم الصراعات التى سنقابلها، فلماذا نزيد بأيدينا صراعاً نحن فى غنى عنه من البداية!
تحياتي